Posts Tagged ‘السوريون’

حدث ما حدث، وانطلقت الثورة السورية، و كانت الموجة عالية جداً، فاستطاع ركوبها الجميع. نجحت الجهات الإسلامية المتطرفة مدعومة بالمال الوفير، والصلوات المنافقة بالاجهاز على الثورة. ويوماً بعد يوم بدأت تتكشف من جديد الخيانات واحدة تلو الأخرى، وبدأ النظام السوري يعيد انتشاره على جثث السوريين، ودمائهم.

الاعتراف بخسارة جولة من جولات الثورة ليس بالأمر السهل، فالكثيرون مازالوا في أحلام يقظة و يتصرفون وكأنهم مازالوا داخل الحدود السورية. كتابات كثيرة نقرأها من كتاب ينبتون كنوع جديد من الفطر. لا يعيرون دوراً للسوريين، معبرين عن ذلك بتصنيفات غريبة حول السوري في الداخل، والسوري في الخارج.

السوري في الداخل، غير ثورجي بحسب زعمهم، مستسلم، يقبل الذل و الهوان، و شبيح، السوري في الداخل فقير ،جاهل ،لايفقه شيء بالسياسة، … ووين كان “لما نحنا كنا”.

أما السوري في الخارج، فهو المناضل، الثورجي، المملوء بالوطنيات، لم يهادن فرحل، لم يسلم فهرب، لم يرضخ فعمل لدى إحدى التشكيلات السياسية أو العسكرية .

بعيداً عن تصنيفات الفيسبوكيين، و أمراضهم النفسية، نسأل عن مصير السوريين جميعاً، في حال تحولت الأمور الإقليمية بطرفة عين، و قرر الأوصياء على وطننا تغيير بشار الأسد، وعائلة الأسد للأبد؟

كيف سوف يتصرف السوريون في هذه اللحظة؟

هل سيخرجون لحماية مؤسساتهم؟

هل سيعفشون منازل بعضهم البعض؟

هل سيمسكون أيديهم معاً في وجه التغيير الحتمي القادم؟

أي سيناريو سوف يحدث ؟ الأبيض  أم الأسود؟

هل سيعود الثورجيون الفيسبوكيون من الخارج؟

من سوف يسيطر على الشارع السوري؟

من سوف ينشر القيم و المبادئ الثورية؟

هي فرصة سانحة لنشر قيم الديمقراطية و العدالة الاجتماعية؟ من سيكون البادىء؟

هل سنشهد موجة عودة عكسية إلى الوطن؟ فرأس النظام رحل، هل ستتخلون عن امتيازاتكم في المهجر؟

من سوف يتكلم بتواضع مع الأجيال الجديدة قبل أن تذهب مع من يتلقاها في أول الأمر؟ 

من سوف يسيطر على أجهزة الأمن؟

من الشريحة الطائفية المسيطرة الأكثر تواجداً في سورية رغم محاولات تحجيمها؟

ما دور اليساريين في هذه اللحظة الحاسمة؟ 

الكثير الكثير من الأسئلة التي لا يمكن اختصارها بتدوينة وحيدة، لكن المؤشرات الحالية ترجح عدم حدوث أي شيء من ذلك. الانتظار ثم الانتظار هذا ما تربى عليه الكثير من السوريين، أن يكونوا شهوداً لا أن يكونوا فاعلين في مجتمعهم، ولا يكونوا أصحاب مبادرة جديدة.

لا أعتقد أن النسيج الاجتماعي مابين الداخل والخارج سوف يرى الحل القريب طالما أن الأنانية هي المسيطرة على واقعنا.

مروان كيالي

28-05-2018

المكان: دمشق.
الزمان: الساعة الثامنة مساءً بتوقيت دمشق.
التاريخ : 20/05/2015.

بعد يوم عمل شاق (عادي)، بدأت مسيري في شوارع وأحياء العاصمة تجاه منزل صديقي الذي تكرم باستضافتي ليوم واحد خلال رحلة بحثي عن منزل جديد لكي استأجره في دمشق.

انطلقت من منطقة الفحامة وعبرت أسواق قطع تبديل السيارات المستعملة والحديثة. أحد المحلات عنون لافتته باسم (بياع الهوى) فهو مختص ببيع ضواغط الهواء، ومستلزماتها. (الزلمة خبرة في الهوى ..وصفو النية).

لا شيء غير عادي، فأحاديث أصحاب المحلات متشابهة خاصة عندما يبدؤون باغلاق محلاتهم بعد يوم عمل طويل… مايهم هو (الغلة)، والتحضير ليوم غد.. أما الباقي فتفاصيل…

تعالت أصوات بعض الرجال من أمام محل حلويات الشامية المشهور بـ (النابلسية والمدلوقة خص نص)… أو هكذا يقال، ولكن النابلسية تأخرت على كروش بعضهم، و عن بعض صاحبات آخرين داخل عدد من السيارات المتوقفة، عندها فقط صدحت الأصوات عالياً تطالب عمال المحل بالإسراع بصحن أو كيلو النابلسية أو المدلوقة… بفجور مقزز.

تعالت أصوات السيارات في صخب لا يشبه سوى حوارنا نحن السوريون سواء كنا موالين أم معارضين فحوارنا مثل حديث الطرشان (مع اعتذاري من كل شخص أصابه الصمم، حيث توارثنا كلمة أطرش عبثاً)، في حين يفتخر كل سائق سيارة عامة أو خاصة  بمهارته واحترافه القيادة، ويصف غيره من السائقين بـ (الحمار أو الخراء)، وفي حال كانت إحدى السيدات أو الفتيات هي التي تقود سيارتها بحذر في ظل الازدحام الشديد، يبدأ التحرش اللفظي بها أو اطلاق فلسفات ذكورية حول قيادة المرأة للسيارة فالبعض يقول (ما كان ناقصنا غير نمشي ورا سيارة بتسوقها مرا)، وقد يكون أحد السائقين مثقفاً فيطلق العنان لبلاغته التي لمحتها مكتوبة في أحد المرات على سيارة أحدهم .. فيقول (كل البلاء من النساء)!!!

مر زمن طويل دون أن أرى ساحة الفحامة مضاءة بالكامل، ودون أن أرى تدفق المياه فيها، هل أنا في بداية العام 2011؟. مضيت في طريقي تجاه ساحة الحجاز دون أن استعجل  الجواب.. فلم يتغير شيء حتى الآن في دمشق. لماذا أنت عنيدة هكذا يا مدينتي؟.

سيارة الأوبل ستيشن التابعة للمخابرات أصبحت على يميني، ومأكولات العز على يساري. مبنى محطة الحجاز مازال مهجوراً من السوريين كما تركه ما تبقى من عناصر النظام ليلتحقوا بحواجز أخرى فيقتلون بشكل أسرع، أما مطعم العز فيكاد يغص بالسوريين الجائعين أو (البطرانيين).

اجتزت ساحة الحجازتجاه جسر فكتوريا، حيث بدأت  أنوار الشارع تؤرقني. توقفت عند مبنى سينما أوغاريت و بالأصح عند المبنى المجاور له. هنا مازال النسر المتوج بثلاث نجمات على صدره يتربع فوق أحد الأبواب الثانوية للمؤسسة العامة للبريد.

3 نجمات في دمشق (المزيد…)