Posts Tagged ‘2018’

لقراءة المادة الجديدة على جريدة #المدن الالكترونية يرجى الضغط على الرابط التالي: 

اليورانيوم والكادميوم، والطمع الروسي في الفوسفات السوري

 

قبل أن أبدأ ، لا يوجد أسقط من النظام السوري و الانتخابات التي يقوم بها من انتخابات برلمانية إلى رئاسية، و لأكون صادقاً مع نفسي، يوازي حالة التردي ما شاهدناه ممن يدعون المعارضة للنظام في تركيا و المجالس التي شكلوها الى مايدعى الائتلاف الوطني، إلى ما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات، فجميعها تقوم على أساس طائفي و مصالح أضيق من (خرم الأبرة)، ضاربين جميعهم مصلحة الوطن بعرض ألف حائط.

لماذا أتحدث عن لبنان؟

لبنان الذي يعتبر نفسه مرجعاً بالديمقراطية، و الطائفية ، و الدولة المدنية، كما يدعي الكثير من اللبنانين و جميع المسؤولين، خاض بالأمس معركة انتخابية بما تعنيه المعارك، من تهديدات، و تعبئة، و شجارات، و حرب إعلامية، و كلامية، وحتى أطلاق الرصاص.

سأتحدث هنا عن جانب واحد حتى لا أتهم بالتعميم و، سأتحدث عن الترويج الساقط للانتخابات في أحد مظاهره.

سيارات دفع رباعي، تحمل عدة و عتاداً من الطاقات البشرية ، و المناصرين الذين يحق لهم الانتخابات و الصبية و البنات يجوبون بها شوارع المدينة. أًصوات تصدح من مكبرات الصوت تمجد ، وتعظم، وتخلد، القائد الفلاني، ابن القائد الفلاني، حفيد القائد الفلاني. أعلام الطائفة تمنع المارة من رؤية طريقهم، اعلام الحزب الحمراء توحي لك من بعيد ببركة دماء.

لا تختلف الأغاني الطائفية التي (يهيص) عليها الشباب والشابات، عن أي أغنية طائفية تنادي بقطع الرؤوس مثلاً، أو محو طائفة معينة، أو حتى طوائف، و لو كانت هذه الأغاني لا تعلن ذلك حقاً، لكن كلماتها تواصل الشحن الطائفي لتقول للمتلقي أحد الأمور التالية:

إما أن تنتخب، أو ستظل تنتحب. أما أن تنتخب الحفيد (النعنوع)، وإما ستظل صفراً على الشمال. إما نحن أو نحرق البلد……..

إما نحن أو ستقتل على أيدي الطوائف الأخرى، إما نحن أو ستغتصب على يد رجال التيار الفلاني. إما نحن، نحن الهلاك الأحمر ، أو استمتع بالهلاك الأعظم طيلة حياتك و حياة أبنائك، وأحفادك من بعدكم.

أسهل شيء هو التلويح بعصا الحرب الأهلية، لكن ذلك لم و لن ينفع، فالترهيب و الشعارات الطائفية أعطت ردود فعل سلبية حتى لو لم تنعكس على النتائج.

نظرت كثيراُ إلى مرحلة التحديق في عيون المارة، ورأيت الخوف في أعينهم، ورأيت الاجبار، الرضوخ،الرفض،  و رأيت نظرات الازدراء التي يلقونها على السيارات الطائفية و من يقودها ، و من ينتشي بطرب الأغاني الطائفية.

بالفعل هو استعصاء عربي بحت، أمام أنظمة شرسة، ولو كان في لبنان ، البلد الذي عانى و يعاني الأمرين في سبيل دولته المدنية. لا حل له سوى مع الديمقراطية ليحد من شرور الطائفية، وإلا فالهلاك الأعظم أتي لا محالة.

مروان كيالي.

07/05/2018.

ينقسم السوريون مجدداً حول أي شيء، قد يكون ذلك أمراً صحياً إن كان هدفه الحصول على عائد اجتماعي أو ثقافي أو سياسي أو اقتصادي أفضل. لكن بعض السوريين  (وما أكثرهم) يشعرون بالغيرة من الحالة اللبنانية، خاصة على الصعيد الاجتماعي و الثقافي ، على الرغم من أن اللبنانيين ” الله يعينهم” على الحفنة السياسية الحاكمة.

تقول سارة وهي لاجئة سورية في لبنان ” أحسد اللبنانيين عندما أراهم يسعون وراء انتخابات فعلية ، فليس هنالك من “يشحط” الناس إلى الانتخابات ، و ليس هناك من “يفتش” عنك إن كنت انتخبت أم لا”

أما محمد و هو مقيم في لبنان يرى جانباً أخر للانتخابات فيقول ” لا أعتقد أن جهود منظمات المجتمع المدني سوف تتوج بالنجاح فالحرب الأهلية لم تنته في لبنان لكن تغير شكلها ، فكيف لمرشح بمشروع مدني أن يكون منتخباً عن مقعد طائفي في البرلمان ؟ “

نقاشات عديدة يطرحها السوريون فقد عبر فراس عن عدم اهتمامه بما سوف يحدث على اعتبار أن لبنان بالنسبة له بلد عبور نحو أوروبا أو استراليا أو أي بلد آخر لكنه يخاف من الإجراءات التي يمكن أن تتخذ بحق الاجئين أو المهجرين قسراً في حال سيطرت الفئات العنصرية على مجلس النواب اللبناني قبل مغادرته لبنان على الأقل.

وفاء من جهتها تحب لبنان كونه بلد يصارع من أجل الدولة المدنية وهو حلم لوفاء في العيش بكنفها، لكن وسام يرى أن لبنان محكوم عليه بالألم حتى لو كانت النوايا حسنة ، فكلما سعى هذا البلد إلى الاستقلال الفعلي تحصل عمليات اغتيال شاملة تعيق تقدمه ، كما أن الدولة و الشعب مرهون للمصارف اللبنانية الخاصة فكل شيء بالدين إلا القلة القليلة.

يشترك السوريون أعلاه بأن ما يحصل في لبنان هو حالة صحية ولو شابها العديد من الخطايا والأخطاء، ويشعرون بالإحباط كونهم خرجوا من سورية مطالبين بالدولة المدنية الديمقراطية فكان نصيبهم الخروج من وطنهم فقط.

يتطلعون اليوم بعين الحسرة على تصاعد الطائفية الممنهجة من قبل النظام و ايران وروسيا و ميليشياتهم والسعي لتفتت النسيج الاجتماعي السوري رغم انقساماته الكثيرة.

لا وطن لدينا … عبارة لخصها الكثيرون من السوريين الذين التقيتهم في لبنان.. و أضم صوتي لهم.

04/05/2018.

“لم ينتشله أحد، تركوه يغرق في بركة الدم و المياه القذرة. هذا ما تستحضره مخيلتي كل صباح قبل ذهابي إلى العمل. أحد الاقتحامات في بلدة مسرابا، ووجوه مضرجة بالدماء و الوحل. صور تعصف في ذاكرة أحمد حتى الجنون”.

ارتدى بدلته الرسمية ، و سارع في الخروج من المنزل. يكره اللباس الرسمي لكنه عملي جداً حيث استطاع ارتداءه لمدة سنتين دون شراء لباس جديد. يفكر جدياً بالارتباط و الزواج ، استسلم لله مراراً ، وَيلطف من حدة الاستسلام فيقول: سلمت أمري لله.

ثقوب عديدة ودمار هائل تجعل من السهل معرفة ما يوجد في الحارة التالية دون المرور بها. عناصر النظام متربصون في أحد الأبنية السكنية. لايهم فعلى الله (التواكل) دائماً.

لايعرف أحد أنه ملحد …حتى الايمان، لكن ذلك لايهم. أفكار كثيرة رافقته خلال مسيره، الثورة، العمل، المال، الأهل، الرصاص، الأصدقاء، السفر، الصمود، كلها في بوتقة واحدة يهرسها الجهل بالمستقبل.

بدأت الأمطار تنهمر على بدلة أحمد الوحيدة، وبدأ يسمع بعض التسبيح من قبل الراكبين في نفس الباص. فجأة ودون انذار مسبق شعر الجميع بتوقف مفاجئ، برره السائق مسرعاً بالازدحام الشديد.

كان أحمد على عادته يذهب للعمل سيراً على الأقدام عند الازحام لكنه كان شارداً حينها يفكر في كل شيء لا نفع له بعد السنوات الماضية. صرخ أحمد بأعلى صوته من آخر الباص لكي ينزل منه ، وطلب من المحتشدين في الباص كي يبتعدو عن الباب. سمع ضحكات كثيرة، و نصائح أكثر على اعتبار أن السيول قد تشكلت و المياه تكاد تقارب فتحة الباب. لم يأبه أو لم ينتبه لما قاله الكثيرون. فتح الباب ورمى نفسه للطريق. طريق لم يره من قبل. طريق تحول إلى بركة مياه قذرة في أقل من دقيقة.

صارع أحمد طريقه، و هي ليست المرة الأولى التي يصارع بها الطريق. لكنها اليوم مختلفة..

حاول العودة إلى الباص, و المياه من حوله في كل مكان ، لكن السائق رفض فتح الباب لأن المياه ستدخل حتى لو كانت رغماً عنه، لكنه لن يفتح الباب لها.

برد، ذل، و هوان، كل ذلك جعله يتسمر في مكانه، ويراقب الناس من حوله وهم يصرخون ، يراقب نفسه في عيون الساخرين، يسمع قهقهات لامثيل لها في حياته.

يقرر المشي حتى أقرب مرتفع صغير ، يستحضر قدرته على انقاذ الوطن، يستحضر خيبته في انقاذ نفسه، تبدأ الوساوس في نخر تفكيره ، أين أنا؟ و أين هم ؟ ولماذا رحلوا ؟ و لماذا مازلت هنا.

مضت ساعات عدة حتى رجوعه المنزل، منزل خلى من الضحكات لعدة سنوات، وها هي اليوم ترتفع في وجه. فرح جداً لسماع ضحكات العائلة ، و طلب المشاركة في الضحك ، تجيبه والدته وهي تضحك عن ذاك الشاب “أبو بدلة” الذي قفز في المياه شارداً وعلق لعدة ساعات، و يسخر أخاه من بدلته المهترئة ليشبهها ببدلة الشاب الذي انتشرت صورته على التلفاز و الفيسبوك. يدرك والده أنه هو ، و لم يستطع كتمان ضحكه ليطلق الوصف الصادم ” ههههههههههه هلق صرت مشهور يا ابني … هههههههههه ” يدقق الجميع و يتفاجؤوا بما قاله والدهم ، لينفجر الجميع في وجه أحمد

” أبو بدلة .. أبو بدلة هههههههههه” ، يبتسم أحمد ليعلن قبوله السخرية ، يضحك معهم و عيونهم ملؤها الدموع ، يضحك ويرقص، فقد خلا المنزل من الضحات لسنوات ، ولا مانع أن يبدأ الضحك داخله حتى لو كان عليه.

 

مروان كيالي

30/04/2018.